شهد عام 2024 تصاعدًا ملحوظًا في شكاوى اللاعبين وتهديداتهم بالإضراب بسبب الروزنامة الدولية المكتظة، التي باتت تؤثر على صحتهم وأدائهم. وأصبح الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) في صدارة الانتقادات، حيث يتهمه اللاعبون بالتركيز على الأرباح الاقتصادية الناتجة عن زيادة عدد المباريات، على حساب رفاهيتهم.
رودري يقود الانتقادات
رودري، لاعب وسط منتخب إسبانيا ومانشستر سيتي، وأحد أبرز نجوم الكرة الذهبية، كان في مقدمة المنتقدين. وفي تصريح أدلى به قبل مباراة في دوري أبطال أوروبا، التي أضيفت فيها مباراتان إضافيتان لدور المجموعات هذا العام، قال:
"نعم، أعتقد أننا قريبون من الإضراب."
لم تمر أيام قليلة على هذا التصريح حتى تعرض رودري لإصابة خطيرة في الركبة ستبعده عن الملاعب حتى نهاية الموسم، مما أعطى لتصريحاته وزنًا أكبر وأثار جدلًا واسعًا حول تأثير جدول المباريات المزدحم على صحة اللاعبين.
روزنامة مزدحمة وضغوط إضافية
مع إعلان إقامة كأس العالم للأندية بين 15 يونيو/حزيران و13 يوليو/تموز المقبلين في الولايات المتحدة، يواجه اللاعبون تحديًا جديدًا يحرمهم من فترة راحة مستحقة قبل الموسم الجديد. ويزداد الوضع تعقيدًا مع اقتراب كأس العالم 2026 الموسعة، التي ستشهد مشاركة 48 منتخبًا.
فعلى سبيل المثال، خاض رودري أكثر من 60 مباراة مع ناديه ومنتخب بلاده خلال موسم 2023-2024، وكان الرقم مرشحًا للزيادة لو استمر في اللعب.
انتقادات جماعية وتحرك نقابي
حذت أسماء بارزة مثل الهولندي فيرجيل فان دايك، والفرنسيين أوريليان تشواميني ودايوت أوباميكانو حذو رودري في انتقاد الجدول المكتظ، ما أدى إلى إثارة جدل واسع النطاق حول "الوتيرة الجهنمية" للمباريات.
وفي ظل هذا الوضع، قررت نقابة لاعبي كرة القدم (فيفبرو) التحرك، حيث تقدمت بشكويين ضد فيفا. الأولى في يونيو/حزيران، بشأن التفرد بقرارات الجدول الدولي، والثانية في أكتوبر/تشرين الأول أمام المفوضية الأوروبية للمطالبة بحقوق اللاعبين.
مطالب اللاعبين والحلول المقترحة
اقترحت النقابة مجموعة من الحلول، مدعومة بتقارير طبية، مثل:
- منح اللاعبين إجازة إجمالية لمدة ثلاثة أسابيع على الأقل.
- الحد من عدد المباريات إلى 55 مباراة كحد أقصى في الموسم.
- عدم خوض أكثر من خمس مباريات كل ثلاثة أيام.
وأكد دافيد تيرييه، رئيس الفرع الأوروبي للنقابة، أن هذه الخطوات ضرورية للحفاظ على صحة اللاعبين وجودة الأداء في الملاعب.
موقف فيفا ومحاولات التهدئة
ردًا على الانتقادات، أنشأ فيفا مجموعة عمل بقيادة المدرب الفرنسي السابق أرسين فينجر لتقديم توصيات بشأن رفاهية اللاعبين، لكن النقابة اعتبرت هذه الخطوة غير كافية لغياب تمثيلها في المجموعة.
وعلّق تيرييه قائلاً:
"لا نريد الحرب، بل نريد إيجاد حلول تحمي كرة القدم واللاعبين الذين يشكلون جوهر اللعبة."
خاتمة
تواجه كرة القدم أزمة كبيرة بسبب ازدحام جدول المباريات، ما يهدد صحة اللاعبين ويؤثر على جاذبية اللعبة. ومع استمرار الجدل بين اللاعبين والاتحادات، يبقى التحدي الأكبر هو التوصل إلى توازن بين الفوائد الاقتصادية ورفاهية اللاعبين للحفاظ على متعة اللعبة وسلامتها.
تعليقات
إرسال تعليق